جمع وصياغة أولية: مهندس / اسلام أشرف عبدالله
مراجعة علمية وصياغة نهائية: مهندس / نور الدين إبراهيم إسماعيل

هندسة التفاعلات الكيميائية و تصميم المفاعلات هي دراسة لمعدلات التفاعل الكيميائي وآليات حدوثه بالإضافة إلى دراسة المفاعلات التي يحدث بها التفاعل، و هي أساس صناعة المواد الكيمائية و إنتاجها، و لذلك فإن دراسة المهندس الكيميائي لهندسة التفاعلات الكيميائية وتصميم المفاعلات هي ما تميزه حقاً عن باقي تخصصات الهندسة الأخرى، حيث إن اختيار نظام التفاعل الذي يعمل بأكثر الطرق أماناً وفعاليةً يمكن أن يكون مفتاح النجاح أو الفشل الاقتصادي للمصنع الكيميائي، على سبيل المثال، إذا كان نظام التفاعل ينتج كميةً كبيرةً من منتج ثانوي غير مرغوب فيه، فإن تنقية و فصل المنتج المطلوب يمكن أن تجعل العملية الإنتاجية غير مجدية اقتصادياً.
يمكن تطبيق مبادئ هندسة التفاعلات الكيميائية و تصميم المفاعلات في مجالات عدة مثل معالجة المخلفات، صناعة الالكترونيات الدقيقة، تقنية النانو، و أيضاً الأنظمة الحية، بالإضافة إلى المجالات التقليدية مثل تصنيع المواد الكيميائية و الدوائية.
سنقوم معاً ببناء أول لبنة من لبنات هندسة التفاعلات الكيميائية و تصميم المفاعلات ألا و هي الموازنات المولية، التي سيتم استخدامها باستمرار في المقالات التالية، بعد الانتهاء من هذا المقال سيكون القارئ قادراً على تعريف و وصف معدل التفاعل الكيميائي، اشتقاق المعادلة العامة للموازنة المولية وتطبيقها على الأربعة أنواعٍ الأشهر من المفاعلات الصناعية التي سنتطرق لها في المقال التالي لهذا المقال.
سنقوم معاً ببناء أول لبنة من لبنات هندسة التفاعلات الكيميائية و تصميم المفاعلات ألا و هي الموازنات المولية، التي سيتم استخدامها باستمرار في المقالات التالية، بعد الانتهاء من هذا المقال سيكون القارئ قادراً على تعريف و وصف معدل التفاعل الكيميائي، اشتقاق المعادلة العامة للموازنة المولية وتطبيقها على الأربعة أنواعٍ الأشهر من المفاعلات الصناعية التي سنتطرق لها في المقال التالي لهذا المقال.
قبل الدخول في مناقشات حول الظروف التي تؤثر على آليات معدل التفاعل الكيميائي وتصميم المفاعلات من الضروري أخذ كميات المواد الكيميائية المختلفة التي تدخل و تخرج من نظام التفاعل محل الدراسة، حيث تتحقق هذه العملية الحسابية من خلال تطبيق الموازنات المولية الكلية علي المواد الكيميائية مفردة في نظام التفاعل، في المقال التالي سنقوم بتعريف موازنة المولات العامة التي يمكن تطبيقها علي أي مادة كيمائية (عادة تكون مركباً كيميائياً) يدخل أو يخرج أو يبقي(تراكم) ضمن حدود نظام التفاعل حجمياً، بعد تعريف معدل التفاعل الكيميائي (rA-) بهذا المقال، ومناقشة الصعوبات التي ستواجهنا لتعريفه بشكل صحيح نستعرض فيما بعد كيفية استخدام معادلة التوازن العام لاشتقاق شكلٍ أوليٍ لمعادلات تصميم المفاعلات الصناعية الأكثر شيوعاً: مفاعل الدفعات (batch reactor)، مفاعل التقليب المستمر(CSTR) ، و المفاعل الأنبوبي (PFR)، والمفاعل المعبأ (Packed bed reactor)، عند اشتقاق هذه المعادلات يتم تحديد الافتراضات الخاصة بنمذجة كل نوع من المفاعلات.
يخبرنا معدل التفاعل عن مدى سرعة استهلاك عدد معين من مولات أحد المواد الكيميائية لتشكيل مادة كيميائية أخرى، حيث يشير مصطلح المواد الكيميائية(chemical species) إلى أي عنصر أو مركب كيميائي معروف الهوية، و يتم تحديد هوية المواد الكيميائية من خلال نوعها، عدد و توزيع الذرات الخاصة بهذه المواد، علي سبيل المثال مادة النيكوتين (مادة شبه قلوية توجد في التبغ) تتكون من عدد ثابت من ذرات محددة بترتيب أو توزيع ذري محدد، ويوضح الرسم نوع و عدد و توزيع الذرات في جزيء النيكوتين.

و على الرغم من أنه قد يكون لاثنين من المركبات الكيميائية نفس عدد الذرات من كل عنصر، إلا أنها لا تزال مواداً مختلفةً بسبب التوزيع المختلف للذرات، فعلى سبيل المثال يحتوي المركب 2-بيوتين على أربع ذراتٍ من الكربون و ثماني ذرات من الهيدروجين، و مع ذلك يمكن للذرات في هذا المركب تشكيل ترتيبين مختلفين.

و نتيجةً لتوزيع مختلف للذرات، هذان المركبان(isomers) يختلفان من حيث الخصائص الكيميائية والفيزيائية، وبالتالي يتم اعتبارهما مادتين مختلفتين على الرغم من أن لكل منهما نفس عدد الذرات من نفس العناصر.
متي يحدث التفاعل الكيميائي ؟
يمكننا القول بأن مادةً كيمائيةً ما تفاعلت عندما يفقد عدد من جزيئات تلك المادة هويتها أي حدوث تغير في نوع أو عدد الذرات المكونة لتلك الجزيئات أو حتى عن طريق تغيير في ترتيب أو توزيع هذه الذرات، و على هذا الأساس نفترض أن الكتلة الكلية لا تفنى و لا تستحدث من العدم عندما يحدث تفاعل كيميائي، الكتلة المشار إليها هنا هي الكتلة الكلية لجميع المواد الموجودة في حدود نظام التفاعل، و لكن عندما تشارك المواد الكيميائية في تفاعل معين، فنحن نتحدث هنا عن معدل اختفاء (استهلاك) كتلة هذه المواد، معدل الاستهلاك للمادة (A) هو عدد الجزيئات التي تفقد هويتها الكيميائية لكل وحدة زمنية لكل وحدة حجم عندما يتم كسر و إعادة تكوين الروابط الكيميائية أثناء التفاعل، و لكي ينتج مركب جديد في نظام التفاعل يجب أن يفقد جزء من المواد المتفاعلة هويتها الكيميائية.
هناك ثلاث طرق أساسية قد تفقد من خلالها المركبات هويتها الكيميائية: التحلل، الاتحاد، والأيزومرية، في تفاعلات التحلل يفقد الجزيء هويته عن طريق كسر روابط و تكوين جزيئات أصغر أو ذرات مفردة، فإذا تم تشكيل البنزين والبروبيلين من جزيء الكومين فإن جزيء الكومين يفقد هويته (أي يختفي) عن طريق كسر روابطه لتكوين هذه الجزيئات.

أما في تفاعلات الاتحاد يفقد المركب هويته عند تفاعله مع جزيء آخر أو ذرة أخرى، فمن المثال السابق يفقد جزيء البروبلين هويته عند اتحاده مع جزيء البنزين و يسير التفاعل في الاتجاه العكسي لتكوين مركب الكومين.
كما يفقد المركب هويته في التفاعلات الأيزوميرية كما يحدث في التفاعل التالي:

على الرغم من أن الجزيء لا يتحد مع جزيئات أخرى و لا ينقسم إلى جزيئات أصغر، لكنه يفقد هويته بسبب التغير في التكوين (البنية الذرية).
كيف يمكننا التعبير عن معدل التفاعل الكيميائي ؟
يمكن التعبير عن معدل حدوث تفاعل كيميائي ما بعدة طرق، فعلى سبيل المثال نعتبر تفاعل الكلوروبنزين مع الكلورال لإنتاج المبيد الحشري ثنائي كلورو ثنائي فينيل – ثلاثي كلورو ايثان(DDT) في وجود حمض الكبريتيك:

يمكننا أن نرمز للكلورال بالرمز A، و للكلوروبنزين بالرمز B، و للمبيد الحشري(DDT) بالرمز C، و للماء الناتج عن هذا التفاعل بالرمز D كما يلي:

حيث تكون القيمة العددية لمعدل استهلاك المتفاعلA (-rA) موجبة، فمثلاً إذا كان يختفي بمعدل 4 مولات لكل وحدة زمن و وحدة حجم نجد أن قيمة معدل التفاعل موجبة مع أن كمية A تتناقص و ذلك لوجود الإشارة السالبة في (rA-).
أما الرمز rj فهو يعبر عن معدل تكوُّن المركب j (معدل إنتاجه)، فإذا كان المركب j من المواد المتفاعلة تكون القيمة العددية لمعدل تكوُّنه سالبة (rj = -4 moles A /dm3 .s)، و إذا كان المركب j من المواد الناتجة تكون القيمة العددية لمعدل تكوُّنه موجبة
(rj = 4 moles C / dm3. s).
تتضمن التفاعلات الغير متجانسة أكثر من طور من أطوار المادة(صلبة، سائلة، غازية)، و لكن يتم التعبير عادةً عن معدل حدوث تلك التفاعلات باستخدام وحدات أخرى غير الحجم، مثل مساحة سطح التفاعل أو وزن العامل الحفاز المستخدم في هذا التفاعل، فعلى سبيل المثال عند حدوث تفاعل ما بين الطورين الغازي و الصلب مستخدمين عاملاً حفازاً ما، يجب أن تتفاعل جزئيات الغاز مع السطح الصلب للعامل الحفاز حتى يحدث التفاعل، فتكون وحداته عدد المولات المتفاعلة من المتفاعلA لكل وحدة زمن لكل وحدة كتلة من العامل الحفاز المستخدم (mol/s.g catalyst) .
ملاحظة: أثناء دراستنا لهندسة التفاعلات الكيميائية في هذه المقالات نادراً ما سنتطرق إلى أنظمة التفاعلات الغير متجانسة.
يعد التعريف الرياضي لمعدل التفاعل الكيميائي سبباً للارتباك في محاضرات الكيمياء و الهندسة الكيميائية، و يعود السبب إلى التجارب المعملية التي تمت للحصول على بيانات معدلات التفاعلات الكيميائية، ذلك لأن هذه التجارب تمت على النوع المتقطع من التفاعلات(batch) أي أن حدود نظام التفاعل لها حجم ثابت، تم خلط المتفاعلات جيدا عند زمن t = 0 و تم حساب تركيز أحد المتفاعلاتCA عند أزمنة مختلفة ti ، ثم تم توقيع البيانات على رسم بياني لرسم منحنى يوضح العلاقة بين الزمن المنقضى والتغير فى تركيز تلك المادة، ثم حساب معدل التفاعل من ميل المنحنى CA كدالة في الزمن، لنفترض rA هو معدل التكوُّن للمتفاعلA لكل وحدة حجم (e.g., mol/s.dm3) ، ثم قام الباحثون بتعريف معدل التفاعل الكيميائي على أنه:
للأسف هذا التعريف الرياضي لمعدل التفاعل ليس صحيحاً في مطلق الأحوال، و ذلك ببساطة لأنه الموازنة المولية صالحة فقط في أنظمة التفاعلات المتقطعة ذات الحجم الثابت، تلك المعادلة لن تطبق علي المفاعلات ذات النظام المستمر و الذي يتميز باستقرار العملية و عدم تغير ظروفها مع الوقت مثل(CSTR) ، حيث أن التركيز في هذه الحالة ليس دالة في الزمن، أي أن تلك المعادلة لا يمكن أن يعتد بها كتعريف رياضي لمعدل التفاعل الكيميائي، ببساطة يمكن القول بأن rj هو معدل تكوُّن المركبJ لكل وحدة حجم، أو أنه عدد المولات المتكونة من المركبJ لكل وحدة حجم لكل وحدة زمن.
إن المعادلة التي تصف معدل التفاعل rJ هي معادلة جبرية، حيث يكون معدل التفاعل دالة في خصائص المواد المتفاعلة و ظروف التفاعل (على سبيل المثال., تركيز المواد الكيميائية و درجة الحرارة و الضغط و نوع العامل الحفاز إن وجد) في منطقة ما ضمن حدود النظام، كما أن تلك المعادلة مستقلة ولا تتأثر بنوع التفاعل سواء كان تفاعلاً متقطعاً أو مستمراً، و لكن يجب مراعاة أن خصائص المواد المتفاعلة و ظروف التفاعل قد تختلف مع موضع لآخر في المفاعل الكيميائي، و لذلك تكون rJ دالة في الموضع (مكان حدوث التفاعل داخل المفاعل) و يمكن أن تختلف قيمتها من نقطة إلى نقطة في النظام.
إن المعادلة التي تصف معدل التفاعل rJ هي معادلة جبرية، حيث يكون معدل التفاعل دالة في خصائص المواد المتفاعلة و ظروف التفاعل (على سبيل المثال., تركيز المواد الكيميائية و درجة الحرارة و الضغط و نوع العامل الحفاز إن وجد) في منطقة ما ضمن حدود النظام، كما أن تلك المعادلة مستقلة ولا تتأثر بنوع التفاعل سواء كان تفاعلاً متقطعاً أو مستمراً، و لكن يجب مراعاة أن خصائص المواد المتفاعلة و ظروف التفاعل قد تختلف مع موضع لآخر في المفاعل الكيميائي، و لذلك تكون rJ دالة في الموضع (مكان حدوث التفاعل داخل المفاعل) و يمكن أن تختلف قيمتها من نقطة إلى نقطة في النظام.
قانون معدل التفاعل الكيميائي هو في الأساس معادلة جبرية و دالة في التركيز، و ليست معادلة تفاضلية، فعلى سبيل المثال يكون الشكل الجبري من قانون معدل التفاعل التالي:
فى صورة معادلة خطية توضح العلاقة بين معدل التفاعل و التركيز:
أو كما سيوضح لاحقا في المقالات التالية لهذا المقال أنها معادلة غير خطية:
أو
لا يمكن تحديد كيفية تأثير تركيز مادة متفاعلة ما على معدل التفاعل إلا من نتائج التجارب المعملية على التفاعل نفسه، فقد يتبع
معدل التفاعل معادلة من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة مثل:
فالمعادلة من الدرجة الثانية توضح لنا أن معدل اختفاء(استهلاك) المركبA يساوي حاصل ضرب ثابت التفاعلK (و هو دالة في درجة الحرارة) في مربع تركيز المادة A.
المصادر والمراجع
[1] O. Levenspiel, 1999. "Chemical Reaction Engineering", 3rd Ed., John Wiley & Sons.
[2] R.W. Missen, Mims C.A. and Saville B.A., 1999. "Introduction to Chemical Reaction Engineering and Kinetics", John Wiley & Sons
[3] H. Scott Fogler. "Elements of Chemical Reaction Engineering", 4th Ed., Prentice-Hall International, Inc.
احسنتم
ردحذفنرجو المزيد من هذه المعلومات المفيده