السبت، 18 نوفمبر 2017

الشغل، الطاقة والحرارة كمدخل للديناميكا الحرارية

غالباً ما نصادف فى الديناميكا الحرارية شغلاً يصاحبه تغير فى حجم المائع، فانضغاط أوتمدد مائع ما خلال اسطوانة نتيجة لحركة مكبس هو مثال شائع على ذلك. وتكون القوة الناتجة عن المكبس هنا هى ناتج ضرب المساحة المقطعية للمكبس وضغط المائع، والإزاحة مساوية لناتج قسمة التغير فى الحجم الكلى للمائع على المساحة المقطعية للمكبس.

جمع وصياغة أولية: مهندس / محمد كمال عبدالعزيز   

مراجعة علمية وصياغة نهائية: مهندس / نور الدين إبراهيم إسماعيل


 الشغل

ينتج الشغل W نتيجةً لتأثير قوة ما على جسم لإزاحته عن موضعه مسافة ما، ومن هذا نستنتج العلاقة التى تصف الشغل:
حيث F هى متجه القوة المؤثرة و يكون في اتجاه الإزاحة dl، وبالتكامل ينتج الشغل، و يمككنا القول أن الشغل يكون موجباً إذا كانت الإزاحة فى نفس إتجاه القوة الموثرة، وسالباً إذا كانت فى الإتجاه المعاكس.
غالباً ما نصادف فى الديناميكا الحرارية شغلاً يصاحبه تغير فى حجم المائع، فانضغاط أوتمدد مائع ما خلال اسطوانة نتيجة لحركة مكبس هو مثال شائع على ذلك. وتكون القوة الناتجة عن المكبس هنا هى ناتج ضرب المساحة المقطعية للمكبس وضغط المائع، والإزاحة مساوية لناتج قسمة التغير فى الحجم الكلى للمائع على المساحة المقطعية للمكبس. فتتحول المعادلة السابقة إلى:
وحيث أن A مقدار ثابت:
وبالتكامل،
الإشارة السالبة فى المعادلات السابقة ضرورية، فعندما يتحرك المكبس لداخل الإسطوانة لضغط المائع، تكون القوة المؤثرة والإزاحة فى نفس الإتجاه؛ فيكون الشغل موجباً، لكن الإشارة السالبة مطلوبة وذلك لأن التغير فى الحجم سالب، أما فى عملية التمدد، تكون القوة المؤثرة والإزاحة فى إتجاهين متعاكسين، ويكون التغير فى الحجم فى هذه الحالة موجباً، فتكون الإشارة السالبة ضرورية لجعل الشغل سالباً.
المعادلة السابقة للشغل، تمثل الشغل المبذول لعملية ضغط أو تمدد محدودة ويمكن تطبيقها فى بعض الظروف الخاصة فقط نناقشها فى مقالات أخرى. والشكل التالى يوضح مسار ضغط غاز من النقطة الأولى (حجم الغاز Vt1 عند ضغط P1) وحتى النقطة الثانية (عندها يصبح الحجم Vt2 عند ضغط P2). هذا المسار يربط بين الضغط عند أى نقطة أثناء هذه العملية وحجم الغاز. ويكون الشغل المطلوب هو المعطى بالمعادلة السابقة ويمثل بالمساحة تحت المنحنى فى الشكل أدناه. النيوتن-متر (N.m) أو الجول (joule) ويرمزله بـ J، هو وحدة الشغل فى النظام العالمى للوحدات. أما فى النظام الهندسى المترى للوحدات، يستخدم (m kgf).

الطاقة

أُسِسَ المبدأ العام لحفظ الطاقة حوالي عالم 1850. حيث كان ضمنياً فى أعمال جاليليو (1564-1642) وإسحاق نيوتن (1642-1726) الميكانيكية. فى الحقيقة، هذا المبدأ ينحدر مباشرة من قانون الحركة الثانى لنيوتن وأن الشغل ناتج عن قوة وإزاحة.

الطاقة الحركية (Kinetic Energy)

عندما تأثر قوة F على جسم كتلته m فيتحرك إزاحة dl خلال فترة تفاضلية من الزمن مقدارها dt، فإن الشغل المبذول يمثل بالمعادلة:
وبدمجها مع القانون الثانى لنيوتن تصبح المعادلة:
ومن تعريف العجلة (a = du/dt)، حيث u هى سرعة الجسم، نحصل على:
ومن تعريف السرعة (u = dl/dt)، يصبح تعبير الشغل بالصورة:
يمكن إجراء تكامل محدود لهذه المعادلة عند تغير السرعة من u1 إلى u2:
وكل كمية من الكميات فى المعادلة السابقة تمثل طاقة حركية، وهو تعبير استُخدم لأول مرة على لسان اللورد كيلفن عام 1856:
فمن المعادلات السابقة، يتضح أن الشغل المبذول على جسم لتعجيله من سرعة إبتدائية u1 لسرعة نهائية u2 يساوى التغير فى الطاقة الحركية لهذا الجسم. بالمقابل، إذا أبطئ جسم متحرك بفعل قوة مقاومة، فإن الشغل المبذول بواسطة هذا الجسم يساوى التغير فى طاقته الحركية. فى النظام العالمى للوحدات، وباستخدام الـ kg كوحدة للكتلة والـ m s-1 كوحدة للسرعة، تكون وحدة الطاقة الحركية هى kg m2 s-2 وحيث أن النيوتن يساوى kg m s-2 فإن الطاقة الحركية تحسب بوحدة نيوتن-متر أو الجول، وهى نفس وحدة الشغل كما أثبتنا سابقا.
فى النظام الهندسى المترى، نعبر عن الطاقة الحركية بالمعادلة:
حيث الـ gc معامل تحويل عالمى قيمته 9.806 65 بوحدات kg m kgf-1 s-2. وبهذا تصبح وحدة الطاقة الحركية فى هذا النظام:
والتناسق البعدى هنا يتطلب استخدام الـ gc.

طاقة الوضع (Potential Energy)

لرفع جسم كتلته m من ارتفاع إبتدائى z1 إلى ارتفاع نهائى z2 فإنه يلزم التأثير عليه بقوة ترفعه لأعلى و تعادل وزنه على الأقل، وهذه القوة لابد وأن تحركه إزاحة تعادل (z2-z1). وحيث أن وزن الجسم يساوي قوة جذب الأرض له، فإن أقل قوة مطلوبة وباستخدام قانون نيوتن يمكن تمثيلها بالعلاقة:
حيث g هى عجلة الجاذبية الأرضية. ويكون أقل شغل مطلوب لرفع الجسم هو ناتج ضرب القوة فى التغير فى الارتفاع:
مما سبق نستنتج أن الشغل المبذول على الجسم لرفعه يساوى التغير فى الكمية mzg. بالمقابل، إذا انخفض جسم ضد قوة مقاومة تعادل وزنه، فإن الشغل المبذول بواسطة الجسم تساوى التغير فى الكمية mzg.  أي أن الشغل المبذول يكافئ مقدار التغير لكمية معينة سواء طاقة وضع أو حركة، وهذه الكمية تصف حالة الجسم بالنسبة لمحيطه. وفى كلتا الحالتين يمكن استعادة الشغل المبذول بعكس العملية وإعادة الجسم إلى حالته الأولى. هذه الملاحظة تقودنا مباشرة إلى فكرة أنه إذا كان الشغل المبذول لتعجيل أو رفع جسم ما يمكن استرجاعه، فإن الجسم استناداً إلى سرعته أو موضعه يكون له قدرة على بذل الشغل. وهذا المفهوم أصبح مفيداً جداً فى ميكانيكا الأجسام الصلبة (rigid-body mechanics) وعرفت قدرة الجسم على بذل شغل باسم "الطاقة". وهو مصطلح مشتق من اليونانية ويعنى "الشغل الداخلى". لذلك يقال أن الشغل المبذول لتعجيل جسم ما يؤدى إلى تغيير طاقته الحركية:
والشغل المبذول على جسم لرفعه يؤدى إلى تغيير طاقة وضعه:
وبهذا يمكن تعريف طاقة الوضع كالتالي :
فى النظام العالمى للوحدات، وباستخدام الـ kg كوحدة للكتلة، والـ m كوحدة للارتفاع، والـ m s-2 كوحدة لعجلة الجاذبية الأرضية، تصبح وحدة طاقة الوضع kg m2 s-2. أو ما يعادل نيوتن-متر أو جول، وهى وحدة الشغل كما أثبتنا سابقاً.
فى النظام الهندسى المترى، نعبر عن طاقة الوضع بالمعادلة:
وتصبح وحدة طاقة الوضع لهذا النظام:
مرة أخرى، يتطلب التناسق البعدى استخدام الـ gc.

الحفاظ على الطاقة

أثناء فحص أى عملية فيزيائية، لابد وأن تجرى محاولة لإيجاد وتعريف الكميات التى تظل قيمتها ثابتة بغض النظر عن التغيرات التى تحدث خلال العملية. أحد هذه الكميات، والتى تم التعرف عليها مبكراً خلال تطوير العمليات الميكانيكية هى الكتلة. ولعل الفائدة العظيمة من قانون حفظ الكتلة هى أنها أدت إلى اقتراحات أكثر، ومن ثم كان من المنطقى ظهور مبدأ حفظ الطاقة نتيجة لتطور مفهوم الطاقة. فإذا أكتسب جسم ما طاقة عند رفعه، فإن الجسم يحتفظ بها حتى يقوم ببذل شغل ما. وإذا سقط جسم سقوطاً حراً فإنه يفقد من طاقة الوضع ما يكتسبه من طاقة الحركة التي كان قد اكتسبها نتيجة رفعه لمستوى معين بحيث تكون قدرته على بذل الشغل ثابته، ومن ذلك نستنتج أنه لأي جسم يسقط سقوطاً حراً:
تم التأكيد على صلاحية هذه المعادلات بعدد غير محدود من التجارب. ونتيجة لنجاحها فى تطبيقات السقوط الحر تم تعميم مبدأ الحفاظ على الطاقة، فاتحاً الباب على مصراعيه لتطبيق هذا المبدأ على جميع العمليات الميكانيكية البحتة. وبهذا كان الدليل التجريبى كافياً لتعميم مبدأ الحفاظ على الطاقة.
من الممكن وجود صور أخرى من الطاقة الميكانيكية على غرار الطاقة الحركية وطاقة الوضع الجَذبِيَة. أكثر هذه الصور وضوحاً هى طاقة وضع الترتيب (potential energy of configuration). فعند بذل شغل لضغط بعض الموائع، تكتسب هذه الموائع القدرة على بذل شغل لاحقاً والعودة إلى وضعها الأول. من أمثلة هذه الطاقة أيضا شريط مطاطى أو قضيب من المعدن يتشكل فى منطقة التشكل المرن.
بالنظر إلى الشغل كصورة من صور الطاقة يمكن زيادة تعميم مبدا حفظ الطاقة، وهذا جائز، حيث أن كلاً من التغير فى طاقتي الحركة والوضع مساوٍ للشغل المبذول لإحداث التغيير. على أية حال، الشغل عبارة عن طاقة فى حالة انتقال ولا يوجد أبداً كطاقة مختزنة فى جسم. وإذا تم بذل شغل ولم يظهر على صورة شغل فلابد وأنه تحول إلى صورة أخرى من صور الطاقة.
الجسم أو الجزء من المادة موضع الدراسة يطلق عليه النظام وأى شئ غير ذلك يطلق عليه المحيط تفصلهما حدود النظام. عند بذل شغل، فإنه إما أن يبذل شغل على النظام بواسطة المحيط أو العكس، وتنتقل الطاقة من المحيط إلى النظام أو العكس. ولا توجد الطاقة فى صورة شغل إلا أثناء عملية الانتقال. على النقيض، تستقر الطاقة الحركية وطاقة الوضع داخل النظام، وتحسب قيمتهما نسبةً إلى المحيط. على سبيل المثال، الطاقة الحركية تعتمد على سرعة النظام بالنسبة للمحيط، وطاقة الوضع تعتمد على ارتفاع النظام بالنسبة إلى مستوى معين. أما بالنسبة للتغيرات فى طاقة الوضع أو الطاقة الحركية فإنها لا تعتمد على مثل هذه الظروف النسبية.
خلال فترة تطوير قانون الحفاظ على الطاقة الميكانيكية، لم يكن معترف آنذاك أن الحرارة صورة من صور الطاقة، واعتبرت مائعاً أطلق عليه آنذاك "الكالورى (Caloric)". طوق هذا المفهوم بحزم، ولعدة سنوات لم يربط بين الحرارة الناتجة عن الإحتكاك وصور الطاقة المختلفة بأى رابط. وأصبح قانون الحفاظ على الطاقة وقتها قاصراً على تطبيقات العمليات الميكانيكية عديمة الإحتكاك. هذا الشرط لم يعد ضرورياً الآن؛ حيث أن الحرارة مثلها مثل الشغل عبارة عن طاقة فى حالة انتقال، وهو مبدأ لاقى القبول خلال السنوات التالية لعام 1850، والفضل فى ذلك يرجع للتجارب الكلاسيكية للعالم جول (J. P. Joule)، سنستعرض هذه التجارب بالتفصيل فى مقالات أخرى ولكن دعنا الآن نتعرف على بعض خصائص الحرارة.

الحرارة

من خلال الملاحظة، نعلم أنه عند حدوث اتصال بين جسم بارد وآخر ساخن فإن الأخير يَبْرُد، والجسم البارد يصبح دافئ. والتفسير المنطقى لما يحدث، أن هناك شئ ما ينتقل من الجسم الساخن إلى البارد، وهو ما نطلق عليه الحرارة Q. ولهذا فإننا نقول أن الحرارة تنتقل من درجة الحرارة الأعلى إلى الأقل. وهو ما يدفعنا لقول أن فرق درجات الحرارة هو القوة الدافعة لانتقال الطاقة فى صورة حرارة. لنكن أكثر دقة، معدل انتقال الحرارة من جسم إلى آخر يتناسب طردياً مع الفرق فى درجات الحرارة بين الجسمين؛ وعندما لا يوجد فرق فى درجات الحرارة لا يحدث انتقال للحرارة. من وجهة نظر الديناميكا الحرارية، لا ينظر للحرارة على أنها طاقة مختزنة داخل الجسم، حالها كحال الشغل، فإنها توجد فقط فى صورة طاقة فى حالة انتقال من جسم لآخر، ولا تختزن كحرارة ولكن تختزن فى صورة طاقة حركية وطاقة وضع للذرات والجزيئات المكونة للجسم.
نظراً للطبيعة الانتقالية للحرارة، يتم تتبعها غالباً من دراسة أثرها على الجسم الذى انتقلت منه. فى واقع الأمر، حتى حوالى عام 1930، كان تعريف وحدات الحرارة معتمداً على التغير فى درجة حرارة وحدة الكتل من الماء. ولهذا عرفت وحدة الحرارة البريطانية (British Thermal Unit) المعروفة بالـ Btu على أنها 1/180 جزء من كمية الحرارة المنتقلة لكتلة من الماء مقدارها الباوند الكتلى لرفع درجة حرارتها من نقطة التجمد 32°F إلى نقطة الغليان 212°F عند الضغط الجوى القياسى.. على نفس الشاكلة، تم تعريف السعر الحراري (Calorie) و يرمزلها بالرمز cal على أنها 1/100 من كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة كيلوجرام من الماء من صفر إلى 100 درجة مئوية (من 273.15 K إلى 373.15 K) عند الضغط الجوى القياسى. بالرغم من أن هذه التعريفات تشعرنا بحجم وحدات الحرارة، إلا أنها قائمة على تجارب معملية معرضة للتغيير كلما زادت الدقة فى التجربة. ولتحديد أساس لجميع وحدات الطاقة، نم تعريف الكالورى فى جداول البخار (Steam Tables) المصدق عليها عالمياً كعلاقة مع الجول (وهو وحدة الطاقة فى النظام العالمى للوحدات ويكافئ 1 N.m). الجول هو الشغل الميكانيكى المبذول عندما توثر قوة مقدارها النيوتن خلال مسافة مقدارها المتر. وبناءاً على ذلك فإن الـ calorie فى جداول البخار يكافئ 4.1868 J بينما الـ thermochemicalcalorie يكافئ 4.184 J
فى النظام العالمى للوحدات، وحدة القدرة هى الوات (watt) ويرمز لها بـ W، ويعرف الوات على أنه طاقة (منتجة أو مستهلكة) مقدارها الجول لكل وحدة زمنية مقدارها الثانية، أى أن الوات يساوى جول لكل ثانية. أدناه قائمة لمعاملات تحويل مختلفة للطاقة والقدرة.

المصادر والمراجع

[1] Smith, J. M. (ed.), van Ness, H. C., and Abbott, M. Introduction to Chemical Engineering Thermodynamics. 5th ed. New York: McGraw-Hill.
[2] Stanley I. Sandler, “Chemical, Biochemical, and Engineering Thermodynamics”, Fourth Edition, 2005, John Wiley & Sons, Inc.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق