السبت، 23 سبتمبر 2017

مقدمة فى ميكانيكا الموائع

الميكانيكا هي دراسة القوى والحركات و بالتالي فإن ميكانيكا الموائع هي دراسة القوى والحركات في الموائع، ولكن ماذا تعني كلمة "مائع"؟ يمكننا جميعاً أن نذكر أمثلة واضحة لتلك المواد(الموائع) مثل: الهواء، الماء، الجازولين"البنزين"، زيت التشحيم و اللبن، و بإمكاننا أيضاً أن نذكر بعض الأمثلة التي من الواضح أنها ليست موائع مثل: الحديد، الماس، المطاط والورق التي تصنف على أنها مواد صلبة، ولكن توجد أشكال أخرى من المادة مثل الهلام، زبدة الفول السوداني، المايونيز، معجون الاسنان، القطران و عجين المخبوزات التي لها صفات وسيطة بين الموائع و المواد الصلبة.
جمع وصياغة أولية: مهندس / عمر مختار جمال 
مراجعة علمية وصياغة نهائية: مهندس / نور الدين إبراهيم إسماعيل

 ما هي ميكانيكا الموائع؟!


الميكانيكا هي دراسة القوى والحركات و بالتالي فإن ميكانيكا الموائع هي دراسة القوى والحركات في الموائع، ولكن ماذا تعني كلمة "مائع"؟ يمكننا جميعاً أن نذكر أمثلة واضحة لتلك المواد(الموائع) مثل: الهواء، الماء، الجازولين"البنزين"، زيت التشحيم و اللبن، و بإمكاننا أيضاً أن نذكر بعض الأمثلة التي من الواضح أنها ليست موائع مثل: الحديد، الماس، المطاط والورق التي تصنف على أنها مواد صلبة، ولكن توجد أشكال أخرى من المادة مثل الهلام، زبدة الفول السوداني، المايونيز، معجون الاسنان، القطران و عجين المخبوزات التي لها صفات وسيطة بين الموائع و المواد الصلبة.



و لنقرر ماذا نعني بكلمة مائع علينا أولاً أن نأخذ بعين الاعتبار فكرة إجهاد القص حيث أنه من الأسهل لنا أن لا نتطرق إلى إجهاد الشد أو إجهاد الضغط، ولكن أولاً ما هو الإجهاد و ما هي أنواعه الثلاثة؟

في الشكل (a) نلاحظ أن الحبل يرفع جسماً ما يؤثر علي وزنه بقوة تعمل على سحب الحبل لأسفل، و حيث أن الإجهاد هو النسبة بين القوة المؤثرة و المساحة التي تؤثر عليها القوة (لاحظ أن القوة تؤثر عمودياً على المساحة)، فإن الإجهاد في الحبل هي قوى الشد المؤثرة الناتجة عن الوزن مقسومة علي مساحة مقطع الحبل ويسمى إجهاد الشد، أما في الشكل (b) نجد أن عمود الحديد الصلب يرفع جسماً ما حيث يؤثر وزن الجسم بقوة تضغط على العمود فيتمثل الإجهاد في هذه الحالة في قوى الضغط الناتجة عن وزن الجسم مقسومة على مساحة مقطع العمود الحامل لها و العمودية عليها و يسمى إجهاد الضغط، و في الشكل (c) يحول الغراء(مادة لاصقة) دون سقوط الجسم مقاوماً قوى القص الناتجة عن وزنه فيكون الإجهاد هنا متمثلاً في قوى القص *الموازية* لمستوى السطح التي تؤثر عليه و يسمى إجهاد القص.


في محاولتنا لتحديد الفارق بين المواد الصلبة والموائع يمكننا القول بأن المواد الصلبة هي مواد لها القدرة على مقاومة إجهادات القص الكبيرة، لأنه عند التعرض لإجهاد القص فإن المواد الصلبة تميل لتكوين اجهاد قص داخلي يقاوم القوة الخارجية المعرض لها إلى ان تصل لحالة الاتزان(تتوقف عن الحركة).

أما الموائع لا تستطيع ان تقاوم إجهادات القص حتى و إن كانت إجهادات صغيرة وعندما تتعرض الموائع لاجهاد قص فأنها تتحرك وتواصل الحركة شرط ان تظل القوى مؤثرة عليها. أما المواد المتوسطة بين المواد الصلبة والموائع تستطيع ان تقاوم إجهاد صغير ولكنها لا تستطيع أن تقاوم إجهادات كبيرة أي أن الفارق بين المواد و بعضها هو قدر مقاومتها لإجهاد القص، و لكن عند إجهادات قص عاليةٍ جداً يمكن للحديد الصلب أن يتحرك كالموائع و ذلك بسبب حدوث تشوُّه دائم في الشكل(plastic deformation).

ما الفائدة من دراسة ميكانيكا الموائع؟!


المشكلات التي ستواجهنا عند دراستنا لميكانيكا الموائع عامةً لا اختلاف بينها و تلك التي واجهناها سابقاً أثناء دراسة الميكانيكا (ميكانيكا المواد الصلبة)، كذلك الحال بالنسبة للديناميكا الحرارية أي أنه باتباع منهجية حل المشكلات ذاتها يمكننا حل ما سيواجهنا من مشكلات أثناء دراستنا لميكانيكا الموائع، و لذلك عند حل مشكلة ما تتضمن تدفق الموائع أو حركة الأجسام خلال الموائع سنستخدم مزيج من وسائل حل المشكلات للميكانيكا و الديناميكا الحرارية، إضافة الي أن تلك الوسيلة قابلة للتطبيق لحل المشكلات الهيدروليكية (السدود، القنوات و الأنهار)، و مع بعض التعديلات الطفيفة يمكن حل المشكلات المتعلقة بالديناميكا الهوائية (الطائرات، الصواريخ و قوة الرياح المؤثرة على الجسور)، كما يمكن تطبيقها أيضاً على المشكلات ذات الصلة بالهندسة الكيميائية مثل تدفق الموائع في المفاعلات الكيميائية أو أبراج التقطير أو بثق المواد البلاستيكية أثناء تشكيلها.


 ولاستيعاب أهمية دراستنا لميكانيكا الموائع دعنا نلقي نظرة فاحصة على أهم الموائع في حياتنا، فنحن نتنفس الهواء، و نشرب الماء و غيرها من السوائل، نحرق الوقود لتدفئة منازلنا و قيادة سياراتنا، حتى أن أجسامنا تحوي بداخلها مائعاً و هو الدم، فبدون فهمٍ دقيقٍ لسلوك الموائع سيكون بإمكاننا فقط ان نفهم أشياء محدودة من العالم حولنا.

تقسم تطبيقات ميكانيكا الموائع إلى:

- الهيدروليكا: و تختص بدراسة تدفق الماء في الانهار، الانابيب، القنوات، المضخات والتوربينات.

- الديناميكا الهوائية: و تختص بدراسة تدفق الهواء حول المنشآت، الطائرات ،المحركات و المقذوفات.

- الأرصاد الجوية: و تختص بدراسة الطقس و المناخ.

- ديناميكا الجسميات: و تختص بدراسة حركة الموائع حول الجسيمات و قوى التجاذب بين الجسيمات والموائع.

- الهيدرولوجيا: و تختص بدراسة تدفق الماء والملوثات التي تنقلها المياه في الأرض.

- ميكانيكا الآبار: و تختص بدراسة تدفق النفط و الغاز والماء في آبار البترول.

- تدفق خليط غير متجانس من الموائع: كما هي الحال في آبار البترول، حاقن الوقود، غرف الحرق و الرشاشات.

- خلط عدة موائع: مثل ما يحدث في تفاعلات الاحتراق أو في حالة انتقال المادة في أبراج التقطير.
- تدفق الموائع ذات اللزوجة المرتفعة: مواد التشحيم، المواد البلاستيكية التي يتم تشكيلها في قوالب الحقن، المواد المستخدمة في تغليف الأسلاك، البراكين والانجراف القاري.


الأفكار الاساسية في ميكانيكا الموائع


تعتمد ميكانيكا الموائع بشكل جوهري على:
- مبدأ بقاء الكتلة
- القانون الأول للديناميكا الحرارية و هو يختص ببقاء الطاقة
- القانون الثاني للديناميكا الحرارية
- قانون الحركة لنيوتن الذي يتلخص في العلاقة (F=ma)

هذه المبادئ و القوانين هي تعميم لبيانات تجريبية ومعملية لا يمكن استنتاج أحدها من الآخر أو من أي مبدأ سبق ذكره ولا يمكن إثبات أي منهم رياضياً، و تكمن صلاحية كل منهم في قدرتهم على التنبؤ بنتائج أي تجربة كانت بشكل صحيح، و عند حساب قيمة قوة أو سرعة ما أثناء حل إحدى المشكلات يتم استخدام تلك المبادئ و القوانين بالإضافة إلى قيم الخواص الفيزيائية المقاسة للمواد المستخدمة مباشرةً، إلا أن هذا ممكن فقط في حالة ما إذا كان تدفق المائع بسيطاً، أما في حلات التدفق المعقدة - و هي ما سنواجهه غالباً- لا بد ان نلجأ الي الاختبارات المعملية، كما يمكن أيضاً باستخدام تقنية التحليل اللابعدي-سنتطرق لها في مقال آخر- أن تستخدم نتائج إحدى التجارب لتوقع نتائج تجارب أخرى مختلفة، أي أن للتجارب المعملية الدقيقة أهمية كبرى في ميكانيكا الموائع، و مع تطور الحواسيب يمكننا الآن حل الكثير من المشكلات الرياضية باستخدام الوسائل الي سيتم ذكرها في مقالات لاحقة، و حيث أن الحواسيب اصبحت اسرع وأرخص فمن المحتمل ان نرى مشاكل أخرى أكتر تعقيداً لميكانيكا الموائع تحل باستخدام الحواسيب، لكن في مطلق الأحول يجب التحقق من تلك النتائج معملياً.

في بادئ الأمر سنناقش في مقالاتنا بعضاً من خصائص الموائع وبعض التعريفات ثم سنقوم بتطبيق قانون الحركة لنيوتن على الموائع الساكنة - وهي حالة خاصة بسيطة - سنتطرق بعد ذلك إلى مبدأ بقاء الكتلة و الطاقة و تطبيقهم على حالات عملية مهمة أكثر تعقيداً من سابقاتها، ثم سيتم إعادة صياغة قانون نيوتن للحركة لوضعه في صورة موازنة كمية الحركة (Momentum balance) لاستخدامها في حل المشكلات و مناقشة بعض تطبيقاتها، أخيراً وليس آخراً سيتم تطبيق ما تم دراسته على التدفق عالي السرعة للغازات حيث سنلاحظ ظواهر إضافية مختلفة بالغة الأهمية.

فيما بعد سيتم تقديم مواضيع أخرى بشكلٍ توسعي في ميكانيكا الموائع و لكن لا توجد مبادئ او أفكار جديدة سيتم تناولها، فقط ستناقش مواضيع واساليب خاصة.

السوائل والغازات

تنقسم الموائع إلى نوعين من حالات المادة: السوائل و الغازات، فهما يتشابهان في أنهما يتخذان شكل الوعاء الحاوي لهما (ليس لهما شكل ثابت)، لكنهما يختلفان على المستوى الجزيئي اختلافاً كبيراً، ففي السوائل تكون الجزيئات متقاربةً و مترابطةً مع بعضها البعض بقوى تجاذب كبيرة نسبياً، أما في الغازات فالجزيئات تكون بعيدة عن بعضها البعض و تكون قوى التجاذب بينها ضعيفة للغاية، و تقل هذه الاختلافات تدريجياً إلى أن يصبح سلوك سائل ما و بخاره متطابقين عند درجة الحرارة والضغط الحرجين، وهذا الاختلاف في سلوكهما يكون واضحاً عندما تتمدد الموائع.

لنفترض أن المكبس الموضح في الشكل يملؤه مائع ما، فإن كان المائع غازاً فإنه سيتمدد بسهولة ويملأ الحيز الإضافي الناتج عن سحب المكبس لأعلى، و ذلك لأن الغازات لها القدرة على التمدد بشكل كبير و لكن لو أن المائع كان سائلاً ثم تم سحب المكبس لأعلى فإن السائل سيتمدد بقدر ضئيل جداً و لن يستطيع ان يملأ هذا الفراغ. فما الذي يملأ الفراغ بين المكبس والسائل؟؟

جزء من هذا السائل يتحول إلى الحالة الغازية حيث أنه يتبخر، و هذا الغاز يتمدد حتي يملأ الفراغ الناتج و يمكن تفسير ما حدث على المستوى الجزيئي بقول أن قوى التجاذب بين جزيئات السائل تربط الجزيئات معاً في إطار مسافة ما و عند تغلب تلك الجزيئات على قوى التجاذب و انطلاقها خارج هذا المدى فإنها تفقد سلوك السائل وتتحول إلى الحالة الغازية.

بسبب تقارب المسافات بين الجزيئات في الحالة السائلة للمادة تكون كثافتها و لزوجتها مرتفعة كما أن معاملات الانكسار للأشعة الضوئية في السوائل أكبر منها للغازات، و هذا يعني وجود اختلاف تام بين سلوك الغازات والسوائل كما سنري لاحقا.

المصادر والمراجع

[1] Fluid Mechanics, Fundamentals and Applications, Y. A. Cengel, J. M. Cimbala, 2nd Ed., McGraw Hill, 2009.
[2] Fluid Mechanics for Chemical Engineers, N. de Nevers, 3rd Ed., McGraw Hill, 2004.
[3] Fluid Mechanics for Chemical Engineers with Microfluidics and CFD, J. O. Wilkes, 2nd Ed., Prentice Hall, 2005.

هناك تعليقان (2) :

  1. اسلوبك رائع و مميز يا بشمهندس ياريت حضرتك تنزل باقى الدروس فى ميكانيكا الموائع

    ردحذف