جمع وصياغة أولية: مهندس / محمد كمال عبدالعزيز
مراجعة علمية وصياغة نهائية: مهندس / نور الدين إبراهيم إسماعيل

نشأ علم الديناميكا الحرارية فى القرن التاسع عشر، بغرض توصيف ماهية المحركات البخارية وتحديد ما يمكنها تحقيقه، ولهذا فإن الاسم فى حد ذاته يعبر عن القدرة الناتجة عن حرارة، كإسقاط واضح على المحركات الحرارية، والتى يندرج تحتها المحرك البخارى، باختبار صحة أساسيات هذا العلم نجد أنها تنطبق على المحركات فعليا، وبتعميمها ينتج قانونان هما القانون الأول والقانون الثانى للديناميكا الحرارية. هذان القانونان ليس لهما إثبات رياضي، وتكمن صلاحيتهما فى عدم وجود ما يثبت عكس ذلك. لهذا تشترك الديناميكا الحرارية مع علوم أخرى مثل الميكانيكا والكهرومغناطيسية فى أن لها قوانين وضعية.
مثل هذه القوانين تقودنا إلى استنتاج العديد من المعادلات الرياضية ذات التطبيقات المتعددة فى جميع فروع العلم والهندسة، يتعامل المهندس الكيميائي مع العديد من المشكلات المختلفة، من بينها حسابات كمية الحرارة والشغل اللازمة فى العمليات الفيزيائية والكيميائية، وتعيين ظروف الاتزان فى التفاعلات الكيميائية، وتحويل المكونات الكيميائية من طور إلى آخر.
لا تخبرنا الديناميكا الحرارية بمعدلات التغيّر فى العمليات الفيزيائية والكيميائية، حيث أن معدلات التغيّر تعتمد على قوة دافعة وأخرى مقاومة لذلك التغير، وبالرغم من أن القوى الدافعة عبارة عن متغيرات ميكانيكية-حرارية إلا أن القوى المقاومة ليست كذلك، ولهذا لا يمكن للديناميكا الحرارية – التى تتعامل مع الخواص العيانية (macroscopic) – الإفصاح عن الآلية المجهرية (microscopic) للعمليات الفيزيائية أو الكيميائية. من الناحية الأخرى، معرفة السلوك المجهرى للمادة يمكن أن يكون ذا فائدة فى حساب الخواص الديناميكية-الحرارية، وقيم هذه الخواص لازمة فى تطبيقيات الديناميكا الحرارية، وحيث أن المهندس الكيميائى غالباً ما يتعامل مع العديد من المكونات الكيميائية المختلفة، فإنه يفتقد غالباً لبعض البيانات التجريبية المعملية. مما أدى إلى تطوير "إرتباطات مُعَممة (generalized correlations)" يمكن من خلالها التنبؤ بالبيانات الناقصة.
يبدأ تطبيق أسس الديناميكا الحرارية على أي مشكلة حقيقية بتحديد جزء مُعيّن من المادة موضع الدراسة،. هذا الجزء يطلق عليه النظام، و يمكن تعريف حالته بعدة خواص عيانية قابلة للقياس و جعلها موضع الدراسة، تعتمد على الأبعاد الأساسية للعلم مثل الطول، الزمن، الكتلة، درجة الحرارة، وكمية المادة.
الأبعاد والوحدات
تعتبر الأبعاد الأساسية هي أبعاد أولية يمكن التعرف عليها بالتصور الحسي ولا يمكن تعريفها بأى شئ أبسط. ولكن استخدامها يتطلب مقاييس معيارية مُقسمة إلى وحدات حجمية معينة. تم إقرار الوحدات الأساسية بناءً على اتفاقية عالمية تعرف بالنظام العالمى للوحدات ( اختصارها SI، Systeme International).
الثانية – يرمز لها بـ s، وهى الوحدة الممثلة للزمن طبقاً للنظام العالمى للوحدات – هى المدة المستغرقة لـ 9 192 631 770 فترة إشعاعية من إشعاع ذرة السيزيوم. المتر – يرمز له بـ m، وهو الوحدة الأساسية للطول – هو المسافة التى يقطعها الضوء فى الفراغ فى جزء من 299 792 458 من الثانية. الكيلو جرام – يرمز له بـ kg – وهو كتلة اسطوانة من سبيكة البلاتين والإيريديوم محفوظة فى المتحف الدولى للموازيين والمقاييس بمدينة سيفر (Sevres) بفرنسا. وحدة درجة الحرارة هى الكيلڤن – يرمز له بـ K – ويساوى 11273.16 من درجة الحرارة عند النقطة الحرجة الثلاثية للماء. المول – يرمز له بـ mol – يعرف بأنه كمية المادة ممثلة بعديد من الكيانات الأولية (مثل الجزيئات) ويعادل 0.012 kg من الكربون 12.
تعيين المضاعفات والكسور العشرية للوحدات فى النظام العالمى للوحدات بمصطلحات بادئة. هذه المصطلحات مبينة فى الجدول أدناه. وبهذا يمكن تمثيل 1 cm = 10-2 m و 103 g = 1 kg.
تستخدم بعض الأنظمة الأخرى للوحدات مثل النظام الهندسى الإنجليزى معاملات تحويل ثابتة لربط وحداتها بوحدات النظام العالمى. بناءاً على ذلك يُعَرّف القدم (ft) على أنه 0.3048 m، والباوند الكتلى (lb) على أنه 0.453 592 37 kg، والباوند المولى (lb mol) على أنه 453.592 37 mol
المقاييس الكمية والحجمية
توجد ثلاث مقاييس كمية وحجمية شائعة الاستخدام:
· الكتلة، m.
· عدد المولات، n.
هذه المقاييس، لنظام معين، تتناسب تناسباً طردياً مع بعضها البعض. الكتلة، مصطلح أولى ليس له تعريف، يمكن قسمته على الكتلة مول واحد من المادة نفسها M، المعروفة بالوزن الجزيئى، للحصول على عدد المولات:
الحجم الكلى يمثل حجم النظام تحت الدراسة، ويعرف بأنه كمية ناتجة عن ثلاث أطوال، يمكن قسمته على الكتلة أو عدد المولات للحصول على الحجم النوعى أو الحجم المولى على الترتيب.- الحجم النوعى:
- الحجم المولى:
تعرف الكثافة النوعية أو الكثافة المولية على أنها مقلوب الحجم النوعى أو الحجم المولى على الترتيب:
هذه الكميات (V و p) لا تعتمد على حجم النظام، وهى مثال على المتغيرات الديناميكية-الحرارية التى لا تعتمد على كمية (intensive)، فهى دوال فى درجة الحرارة، الضغط، والتركيب الكيميائى للنظام، وهى كميات لا تعتمد أيضاً على حجم النظام.
القوة
القوة
وحدة القوة فى النظام العالمى للوحدات هى النيوتن، ويرمز لها بـ N، وهى كمية مشتقة من القانون الثانى لنيوتن، والذى يعبر عن القوة F كحاصل ضرب الكتلة m فى العجلة a.
بحيث F=m a
ويعرف النيوتن بأنه القوة التى إذا أثرت على كتلة مقدارها 1 kg تجعل العجلة 1 m s-2 ولهذا فإن النيوتن يعتبر وحدة مشتقة توازى 1 kg m s-2
فى النظام الهندسى المترى للوحدات (metric engineering system)، تعتبر القوة بعد إضافى مستقل إلى جانب الطول، الوقت، والكتلة. ووحدته هى الـ kilogram force (kgf)، وتعرف بأنها القوة التى تعجل كتلة مقدارها 1 kg بعجلة 9.80665 m/s2 وهنا لابد أن يحتوى قانون نيوتن على ثابت تناسب لا بعدى، وحتى يلائم التعريف نكتب صيغة القانون:
ويكون الـ kilogram force يكافئ 9.80665 N
وحيث أن القوة والكتلة كميتان مختلفتان فإن الـ kg الكتلى والـ kgf يعبران عن كميات غير متساوية ولا تلغى وحدات أى منهما الأخرى. وعندما تحتوى أى معادلة كلا الوحدتين، فلابد من ظهور الثابت اللابعدى gc حتى تصبح صحيحة بعدياً.
يعبر مصطلح الوزن عن قوة الجاذبية الموثرة على جسم ما، ولهذا يعبر عنها بـ N أو kgf. لسوء الحظ فإن المصطلح الأكثر استخداماً للدلالة على الكتلة هو الوزن، واستخدام الميزان للمقارنة بين الكتل يعرف بالوزن. لذلك يجب الحذر عند التعامل مع مصلح الوزن عند استخدامه والبحث عما يعنيه سواء كتلة كانت أو وزن.
درجة الحرارة
غالباً ما يستخدم سائل فى ثيرمومترات (thermometers) زجاجية لقياس درجة الحرارة، حيث يتمدد السائل عند تسخينه. ولهذا يمكن لأنبوبة منتظمة المقطع مملوءة جزئياً بالزئبق، كحول، أو أى مائع آخر التنبؤ بدرجة "السخونة" ببساطة اعتماداً على ارتفاع المائع.
بالنسبة للمقياس السيليزى (Celsius scale)، فإن نقطة التجمد للماء المشبع بالهواء عند الضغط الجوى القياسى هى صفر. ونقطة الغليان للماء النقى عند الضغط الجوى القياسى هى 100. لذلك يمكن ترقيم الثيرموميتر عن طريق غمره فى ثلج وتحديد موقع الصفر عند مستوى ارتفاع سطح المائع، وبنفس الكيفية يمن تحديد موقع الـ 100 عن طريق غمره فى ماء يغلى. ثم تقسم المسافة بين الموضعين إلى 100 مسافة متساوية ل منها تسمى درجة (degree). يمكن الترقيم أعلى من 100 أو أقل من الصفر بنفس مسافة الدرجة للحصول على ثيرموميتر يقيس مدى أكبر من درجات الحرارة.
جميع الثيرموميترات بغض النظر عن المائع المستخدم تعطى نفس القراءة عند الصفر والـ 100 إذا تم معايرتها بنفس الطريقة المزكورة سابقاً، لن القراءات عند النقاط الأخرى لا تتماثل لأن الموائع تحتلف فى مدى تمددها. لذلك يجب اختيار المائع بعقلانية. فدرجات الحرارة فى النظام العالمى للوحدات – وحدتها الكيلفن K – تعتمد على الغاز المثالى كمائع. وحيث أن مقياس كيلفن لدرجات الحرارة يعتمد على خواص الغازات، فسيتم مناقشته بشئ من التفصيل فى مقال آخر. ولكن يجب التنويه على أنه مقياس مطلق.
درجات الحرارة الكلفينية يعبر عنها بالرمز T أما السيليزية بالرمز t والعلاقة بينهما هى:
t°C = T K – 273.15
وحدة درجات الحرارة السيليزية هى الدرجة السيليزية (°C) وهى تكافئ الكيلفن. لكن درجات الحرارة على المقياس السيليزى أقل بمقدار 273.15 درجة عن نظيراتها على مقياس كيلفن. ولذلك الحد الأدنى لدرجة الحرارة – المعروف بالصفر المطلق (absolute zero) – على مقياس كيلفن يكافئ -273.15 °C
لايزال يستخدم المهندسون فى الولايات المتحدة مقياسين آخرين – إلى جانب السيليزى و مقياس كيلفن – هما مقياس رانكن (Rankine) ومقياس فيهرنهايت (Fahrenheit). مقياس رانكن - وهو مقياس مطلق – يتناسب طردياً مع مقياس كيلفن، حيث:
T (R) = 1.8 T K
مقياس فيهرنهايت يرتبط بمقياس رانكن بعلاقة مماثلة لتلك التى تربط بين مقياس سيليزيوس ومقياس كيلفن، حيث:
t(°F) = T(R) – 459.67
لذلك الحد الأدنى لدرجات الحرارة على مقياس فيهرنهايت يكافئ -459.67 (°F) والعلاقة التى تربط بين مقياسى فيهرنهايت وسليزيوس هى:
t(°F)=1.8t°C+32
كل من الدرجة السيليزية والدرجة على مقياس كيلفن تمثل مسافة متساوية، كما هو الحال بالنسبة للدرجات على مقياسى رانكن وفيهرنهايت. الشكل التالى يوضح العلاقة بين المقاييس الأربعة لدرجات الحرارة السابق شرحها.
الضغط
يعرف الضغط P المبذول بواسطة مائع ما على سطح ما بأنه القوة المبذولة بواسطة المائع على وحدة المساحات من السطح. فإذا كانت القوة مقاسة بالـ N والمساحة بالـ m2، فإن وحدة الضغط تكون N/m2، أو ما يعرف بالباسكال (pascal) ويرمز له بـ Pa وهو الوحدة الأساسية للضغط فى النظام العالمى للوحدات. أما فى النظام الهندسى المترى يستخدم الـ kgf/cm2 كوحدة أساسية للضغط.
مقياس الـ dead-weight هو الطريقة القياسية لحساب الضغط، حيث يتم معادلة قوة معلومة بضغط مبزول بواسطة مائع ما على مساحة معينة حيث P=F/A. الشكل التالى هو توضيح مبسط للـ dead-weight gauge.
المكبس (piston) ملائم تماماً للأسطوانة (cylinder) بحيث تكون المسافة بينهما صغيرة جداً، يتم وضع الأوزان (weights) بالمكان المخصص لها حتى يتعادل ضغط الزيت – الذى يؤدى بدوره لرفع المكبس – مع قوة الجاذبية على المكبس. وباستخدام قانون نيوتن، يصبح ضغط الزيت:
حيث m هى كتلة المكبس، الحامل (pan)، والأحمال؛ g هى عجلة الجاذبية الأرضية؛ و A هى مساحة مقطع المكبس. المقاييس شائعة الاستخدام – مثل مقياس Bourdon – غالبا ما يتم معايرتها باستخدام مقاييس الـ dead-weight.
لأى مائع فى أنبوبة عمودية تحت تأثير الجاذبية، يتناسب الضغط الناتج عن المائع عند أسفل الأنبوبة طردياً مع ارتفاعه، لذلك يمكن التعبير عن الضغط كارتفاع مكافئ لعمود المائع. وهذا هو الأساس فى استخدام المانوميترات (manometers) لقياس الضغط. يمكن تحويل الارتفاع إلى قوة لكل وحدة مساحات بناءاً على قانون نيوتن وتكون القوة ناتجة عن كتلة المائع وعجلة الجاذبية الأرضية. حيث:
m=Ahρ
حيث A هى المساحة المقطعية للأنبوبة، h هى ارتفاع المائع، و ρ هى كثافة المائع. وبهذا:
وبهذا فإن تحديد ضغط المائع يعتمد على كثافته (التى تعتمد على هوية المائع ودرجة الحرارة) وعلى عجلة الجاذبية الأرضية أيضا، ولهذا يعرف التور (torr) بأنه الضغط المكافئ لـ 1 mm من الزئبق عند درجة حرارة 273.15 K أى ما يعادل 0 °C فى مجال ذى عجلة جاذبية أرضية قياسية، ويكافئ 133.322 Pa
وحدة أخرى من وحدات الضغط هى الـ atmosphere ويرمز لها بـ atm، وهى تمثل القيمة التقريبية المتوسطة للضغط الناتج عن وزن الهواء عند سطح البحر، ويكافئ 101 325 Pa، 101.325 kPa، أو 0.101 325 MPa أما البار (bar) وهو أحد وحدات الضغط فى النظام العالمى للوحدات يكافئ 105 Pa يساوى 0.986 923 atm
معظم أجهزة قياس الضغط تعطى قياسات تمثل فرق الضغط بين الضغط موقع الدراسة والضغط الجوى لمحيطه. هذه القرآءات تعرف بـ gauge pressure ويمكن تحويلها إلى ضغوط مطلقة بجمعها على الضغط البارومترى (barometric pressure). فى حسابات الديناميكا الحرارية لابد وأن يستخدم الضغط المطلق.
المصادر والمراجع
[1] Smith, J. M. (ed.), van Ness, H. C., and Abbott, M. Introduction to Chemical Engineering Thermodynamics. 5th ed. New York: McGraw-Hill.
[2] Stanley I. Sandler, “Chemical, Biochemical, and Engineering Thermodynamics”, Fourth Edition, 2005, John Wiley & Sons, Inc.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق